بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، أبريل 04، 2011

أنا أدوِّن …


بقلم:


أنا أدوِّن ،
إذاً أنا ..
رقمٌ مكرَّرٌ من بين ملايين الأرقام التي تراها حولك ، إنسانٌ تبصره في وجوه آلاف الأشخاص الذين تقابلهم يوميًا ثمَّ تسأل نفسك / من أين يأتي كل هؤلاء ؟!
لستُ مصلحًا توعويًا ، ولا واعظًا ، ولا فيلسوفًا مثقفًا ، ولا أديبًا تتقافز حوله الدعوات الصحفيَّة .. لم أعتلي يومًا منبرًا ، ولم تعقد معي مقابلة في جريدة ، ولا ارتفع صوتُ قلمي إلاَّ مرَّةً واحدةً في ” مجلَّة ماجد ” عندما كان عمري 12 عامًا !
أشبهك .. أشبه أكثركم ، علاقتي بالجرائد لا تتعدى التصفح السريع واستخدامها كسفرة فطور مجانيَّة ، أدرس في الجامعة لأنَّه من الواجب عليّ أن أفعل ذلك ، أقرأ الشعر والأدب لكنِّي لا أجرؤ على كتابة بيتٍ واحد ، أحبّ السياسة  ولا أتعاطاها إلاَّ بالخفاء فللهواء آذانٌ تمتصّ حرياتنا !
لديّ – مثلك تمامًا – الكثير من الأفكار والرؤى البسيطة  ، لديّ أحلامٌ بتغيير العالم وفلسفاتٌ غير منمَّقة وأفكارٌ لا تعترف بها الصحافة ولا ينظر إليها الإعلام التقليديّ ، لا أرغب بالتملُّق لأحد ولا يعنيني أن أكتب حول الوزارات والمؤسسات والبيانات الرسميَّة ..
لكنني ..
أريد أن أقول أشياء كثيرة للآخرين ! تهمُّني جامعتي وظروف صديقتي الإجتماعيَّة وآخر صرعات Google وتصميم مواقع الويب .
لا أؤمن بأوباما ولا أثق بنتائج المقاطعة الدنماركيَّة .. وحذاء مننظر لا يردّ – من وجهة نظري – ذرة أوكسجين واحدة تاهت عن أنفاس مليون عراقي داستهم أحذيةٌ أمريكيَّةٌ مشتعلة !
يعنيني المطر .. يعنيني المطر الذي يسقط باردًا على أرض جدة .. يعنيني المطر الذي يبلل شرفة منزلنا ونوافذه .. يعنيني المطر الَّذي أعبّئ يدي به ثمّ أشربه !
يعنيني الحزن والبحر ، أريد أن أخبر النَّاس عن البحر الَّذي أراد أن يغسل مدينتنا بالماء المالح ، فقتلته مدينتنا ببقايا الملاعق البلاستيكيَّة والأطعمة السريعة ووجبات ” البيك ” ..
يعنيني أن أكتب حول البيك ، لأنّ البيك وجبة شعبية في جدَّة ، نتزاحم حول مطاعمها ونسترجي الهنديّ أنَّ يضيف لنا المزيد من الثوم والكاتشب :).
أريد أن أتحدَّث حول أشياء تهمّ العالم بطريقةٍ تخصني ، دون أن يُسكتني أحدهم ، و دون أن ينتقد ” رئيس التحرير ” مقالي الأسبوعي ، أو تلزمني مجلَّة نسائية بالحديث حول الديكور والمطبخ واللون الفوشي !
شيءٌ ما .. يشبه أن أعبّئ دمي في قوارير حبر فارغة ، فيمدوِّنةلا تهتمُّ إن كان دمي مثخنًا بالأكسجين ، أو أزرقًا يعجز عن حمل كريةٍ بيضاء واحدة ، مدونةٍ لا تنظر لثقافتي ولا لشهاداتي ولا لأرصدتي البنكيَّة ، ترفع عينيها إلى الأعلى قليلاً ثمّ ترسم ملامح اسمي ، وتسمح لروحي بالسفر ..
أن تصبح مدونًا ، أمرٌ لا يطلب منك إلا أن تتذكَّر جيدًا بأنَّك ” إنسان ” .. إنسانٌ مسلم ، لروحك حقٌّ عليك ، في أن تكون لها رؤى خاصَّة وفلسفاتٍ وأحلامٍ وتأمَّلات ، ألا تكتفي بالنظر إلى الأرض بشرودٍ دون أن تدقق في تعرجات وجهها وتحاول تجفيف الدمع المنسكب عليه ، كما أنَّ لعقلك حقّ عليك ، في أن تكون له معارف ومذاهب ومبادئ يتبناها ، يعيشها لحظةً بلحظة ، ثمَّ يتقاسمها مع عقول الآخرين عبر مدونةٍ صغيرة ليساهم في بناء حضارةٍ كبيرة !
إنَّ الإعلام في بلادنا تسيطر عليه سلاحف عمياء ، تضع الحواجز بين الإعلام وبين الفرد الذي هو أهمُّ عنصرٍ في تشكيله ، بينما يتفوق غيرنا لأنَّهم يخصصون ثعالب متقدة لإدارة إعلامهم ، تدرك جيدًا أهميَّة أن يشارك الفرد البسيط في صناعة الرأي .
….. لقد كبرتُ قليلاً الآن ، ولم تعدُّ تهمُّني السلاحف أو الثعالب ، أهتمُّ فقط بنفسي وبما يمكنني تغييره إعلاميًا .. لذلك أنشئت مدونة !.
منذ أكثر من 50 عامًا ، تفاءل المفكرون بأنَّ عالمنا العربيّ يتقدَّم خطوةً إيجابيَّةً نحو الحضارة العظمى ، وأنا لا أتفاءل مثلهم ، ليس لأننا نفتقد إلى الموارد اللازمة التي يمتلكها غيرنا ، بل لأننا أفقدنا الإنسان قيمته في إحداث التغيير ، ما زال عالم الأشخاص في بلادنا عاجزًا عن الفعالية والمبادرة ، لقد فقد حقّ التعبير عن نفسه ، ولا يمكن لمن فقد ذلك أن بحتفظ بحق العمل والتنفيذ .. إننا نحتاج إذاً لإحداث ثورةٍ إعلاميَّة قبل أن نفكِّر في إحداث تغيير حضاري ، نحتاج لأصواتٍ تحاول صوغ نوعٍ جديدٍ من الإعلام يحكمه الفرد تحت مراقبة الله أولاً ومراقبة النفس ثانيًا . لماذا لا تبادر أنتَ ؟ ، أنشئ مدونتك وأطلق لأفكارك لوحة المفاتيح ، نحن بحاجةٍ إليك ، كلنا بحاجةٍ إليك ،  فساهم في بناء أساسٍ لإعلامٍ جديد ، لا تتدخل في قواعده المؤسسات ولا تحصره القوانين الغوغائيّة ، اكتب .. اكتب لنا عن نفسك ، عن تفاصيل أفكارك وأحلامك ، عن الإنسان المتمرد داخلك ، عن أنشطتك الإجتماعيَّة ونظرتك المختلفة تجاه ما يحدث في عالمنا ، اكتب لنا باسمك الإنسان .. باسمك العربي .. باسمك المسلم .. وابدأ رحلة التغيير ، فالحرب أولها الكلام !.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق