بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، مارس 31، 2011

الشعب يريد إنهاء الانقسام



بقلم: هاني المصري

منذ اندلاع موجة الثورات العربية شهدنا نشاطًا محمومًا على الفيس بوك وغيره من أدوات الاتصال الجماعي، لعشرات المجموعات الفلسطينية التي تريد تحريك الشباب الفلسطيني أسوة بالشباب العربي؛ لإحداث التغيير المطلوب فلسطينيًا.
وتعددت وتباينت شعارات المجموعات المختلفة، فمنها من دعت إلى إنهاء الاحتلال، أو إنهاء الانقسام أو إنهاء أوسلو، أو لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، أو للعصيان المدني لإسقاط سلطتي الأمر الواقع في غزة والضفة، أو لتنظيم مسيرات مليونية من أجل عودة اللاجئين الفلسطينيين.
في هذا التعليق سأركز على المجموعات المركزة على إنهاء الانقسام، وخصوصًا في ظل دعوة مجموعة 15 آذار لتنظيم سلسلة من التحركات ذروتها في ذلك التاريخ؛ من أجل فرض إنهاء الانقسام.
شعار "إنهاء الانقسام" يستقطب تأييد الغالبية العظمى من أفراد الشعب الفلسطيني، وهو ظاهريًا يلقى تأييدًا من طرفي الاستقطاب والانقسام؛ لأن فريق فتح والسلطة في رام الله يفضل أن يكون الشعار "الشعب يريد إنهاء الانقلاب"، لأنه يرى الحديث عن إنهاء الانقسام فقط فيه تحميل المسؤولية للطرفين، في حين أن حماس ومن يشايعها هي من وجهة نظره هي التي تتحمل مسؤولية وقوع الانقسام واستمراره؛ بدليل أنها انقلبت على الشرعية، وترفض كل مبادرات الانقسام، بينما فتح تتقبل هذه المبادرات وتدعو إليها، كما دعت إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بدون اتفاق، إذا استمرت حماس في رفض التوقيع على الورقة المصرية.
كما أن فريق حماس يفضل أن يكون الشعار "إنهاء أوسلو"، لأن هذا يحمل فتح وفريقها المسؤولية عن الانقسام. كما أن هذا الفريق (أعني حماس) يريد حلًا متكاملًا (رزمة واحدة)، تشمل: السلطة والمنظمة، والانتخابات، والانقسام، والمقاومة والمفاوضات، والأجهزة الأمنية، حتى تضمن حصتها كشريك أساسي في المرحلة الأولى تمهيدًا للانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي السيطرة على النظام السياسي الفلسطيني بمختلف مكوناته داخل السلطة والمنظمة.
ويرفض فريق حماس الورقة المصرية منذ طرحها لأنها وسيلة لتوظيف الحصار والمقاطعة؛ لإخراج حماس من البوابة التي دخلت منها وهي صناديق الاقتراع، ويعتبرها الآن لاغية بعد سقوط نظام حسني مبارك الراعي لها، فهو يرى أن هذه الورقة منحازة لفتح، ويعتقد أن أمامه فرصة لتجاوزها وتحقيق اتفاق أفضل له بكثير بعد سلسلة الثورات العربية.
إن إنهاء الانقسام ضرورةٌ وليس خيارًا من ضمن الخيارات، ولكن حتى يكون خطوة إلى الأمام وليس نوعًا من اقتسام السلطات والوظائف والمصالح والمناصب والحكومة على أساس فئوي، أي على أساس المحاصصة الفصائلية؛ يجب أن يكون إنهاء الانقسام على أساس إستراتيجية وطنية جديدة، تمكن من إعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني على أسس وطنية ديمقراطية، تضمن المشاركة الحقيقية، لكل حسب وزنه، وتؤدي إلى تمكين الشعب الفلسطيني بمختلف قواه الحية من السير في اتجاه واحد قادرٍ على دحر الاحتلال، وتحقيق الحرية والعودة والاستقلال.
لقد فشلت الورقة المصرية لخضوعها لشروط اللجنة الرباعية الدولية، ولقفزها عن الأساس السياسي للمصالحة وعن ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية أثناء المرحلة الانتقالية، حتى تقود عملية توحيد المؤسسات خصوصًا الأمنية، وتشرف على إعمار غزة وفك الحصار وإجراء الانتخابات وضمان حريتها ونزاهتها. فالورقة المصرية شكلٌ من أشكال تأبيد الانقسام والتعايش معه؛ بدليل أنها نصت على تشكيل لجنة فصائلية من فتح وحماس أساسًا تتولى التنسيق بين الحكومتين أبان المرحلة الانتقالية ولحين إجراء الانتخابات، ولو شُكِلت اللجنة الفصائلية المذكورة فسيصبح الانقسام شرعيًا وسيستمر إلى إشعار آخر، ولن نصل إلى الانتخابات.
كل اتفاق يستثني الاتفاق على القواسم المشتركة ومتطلبات الصراع ضد الاحتلال وتوحيد أجهزة الأمن، وجعلها مهنية ووطنية بعيدًا عن الحزبية؛ لن يكون في أحسن الأحوال، إذا تم التوصل إليه أصلًا، سوى هدنة هشة سرعان ما تنهار.
نعم لشعار الشعب يريد إنهاء الانقسام، ولكن حتى ينجح هذا الشعار حقًا، يجب ربطه بضرورة وضع إستراتيجية جديدة قادرة على شق طريقٍ آخرَ أمام الفلسطينيين؛ يجعلهم قادرين على تحقيق النصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق